هذا المقال يناقش واحده من النقاشات الهامه في نشأة الحياة على الأرض وعلاقتها بالأنتروبي
لذلك بدأت بهذا التنويه أنها ليست موجه للجميع فقط لمن يهتم بهذا الأمر
يتطلب هذا الموضوع معرفة جيده بعدة أمور أهمها البايوكيمستري والبيولوجيا ونظرية المعلومات والفيزياء.
"هل نشأة الحياة تخترق القانون الثاني الثرموديناميك"
مقدمة:
ينص القانون الثاني في الديناميكا الحرارية ببساطة على أن إنتروبي (entropy) أي نظام مغلق سيميل للتزايد بمرور الزمن. يُمثل تعبير "الإنتروبي" مصطلحاً تقنياً ذا تعريف فيزيائي محدد، لكن من الممكن في كثيرٍ من الأحوال اعتباره مكافئاً للفوضى (disorder)؛ ولذا ينص القانون الثاني بكل بساطة على ازدياد الفوضى والعشوائية داخل الكون بمرور الزمن.
Ds > 0
فالكون هو نظام مغلق isolated system تصل فيه الانتروبيا إلى حدها الأعلى maximum.
لكن الأرض ليست نظاما مغلقا فلذلك لا يمكننا تطبيقه عليها (1)
نشأة الحياة على الأرض هي نتاج نظام منظم ومعقد تحافظ جميع الكائنات الحية على بنية منخفضة للغاية ومنخفضة الإنتروبيا. لذلك يبدو أن ظهور الحياة في كوننا يتعارض مع قانون الديناميكا الحرارية هذا. إذا أدت جميع العمليات الكيميائية التلقائية إلى زيادة الفوضى ، فقد يبدو من غير الواضح كيف يمكن إنتاج الهياكل عالية الترتيب والمعقدة
بدأ أبحاث علاقة الخاصية الترموديناميكية المسماة إنتروبيا ( وهي كمية محددة لنظام ما) وعلاقتها بنشأة الحياة في أوائل القرن العشرين. فقد قام المؤرخ الأمركي هنري أدامز في عام 1910 بنشر أطروحة تحت اسم " رسالة إلى معلمي التاريخ" يقترح فيها نظرية عن التاريخ بشأن القانون الثاني للترموديناميكا وعن مبدأ الإنتروبيه. .ثم صدر كتاب في عام 1944. " ما هي الحياة؟" لمؤلفها إرفين شرودنغر عالم الفيزياء الحاصل على جائزة نوبل للفيزياء وجه النظر فيه إلى هذا المجال. وكانت وجهة نظر شرودنغر أن الحياة تعتمد على ما أسماه "الإنتروبيا السالبة " ولكن فيما بعد ترك تلك التسمية الغريبة بسبب احتجاج العلميين، واستقر الأمر على مناقشة ما يسمى الطاقة الحرة في هذا الشأن . ثم ظهرت بحوث أخرى اعتمدت في مناقشاتها على طاقة جيبس الحرة حيث أن العمليات البيولوجية التي تتم على الأرض تسير في درجة حرارة و ضغط جوي ثابتين. فتلك العمليات الحيوية تجري في جو الأرض وفي قاع البحار وتستغرق وقتا طويلا بالنسبة لكل كائن حي . مصدر
هناك محطتين مهمتين بدأت من خلالهم رحلة البحث عن العلاقة بين الحياة والانتروبي وفي اكتشاف معنى الحياة وكيفية نشوئها.
كلفت وكالة ناسا جيمس لوفلوك وبعض العلماء في "مختبر جيت بروبلشن" في مهمة بناء جهاز يحدد ما إذا كانت هناك حياة على المريخ أم لا أي أن مهمة الجهاز في تحديد واكتشاف الحياة على كوكب المريخ.
فقفزت عدة أسئلة في ذهن جيمس لوفلوك " كيف نستطيع التأكد من أن حياة على المريخ سوف تفصح عن نفسها من خلال فحص مبني على الحياة الأرضية ؟ ” فكان السؤال الأساسي لـ "لوفلوك" هو :" ما هي الحياة، وكيف يمكن التعرف عليها؟ " مصدر
ومن قبله شرودنجر في كتابه " ما الحياة" ربما يجدر الإشارة قبل التعرف على شرودنجر فكرة
حيث ظهر أول تخمين عن احتمال وجود علاقة بين الترموديناميكا و تطور الحياة للعلامة الفيزيائي النمساوي لودفيغ بولتزمان . في عام 1875 بالعتماد على أفكار كلا من كلاوزيوس وكيلفن فكر بولتزمان في التالي:
«أن مسألة وجود الحياة ليست معركة للحصول على المواد - فهي للكائنات الحية الحصول على الهواء والماء والتربة - فهي كلها أشياء موجودة بكثرة ومتوفرة _ ولست كفاح على الطاقة فهي أيضا موجودة على الأرض بغزارة في هيئة حرارة وإنما الكفاح على الانتروبيا [السالبة] والتي يمكن الحصول عليها عن طريق تحول الطاقة من "الشمس الساخنة" إلى "الأرض الباردة" . مصدر
أما عند شرودنجر فتجنب تماما مصطلح الانتروبيا السالبه الخاصه في الفصل السادس في كتابة "ما الحياة" نسخة مترجمة واسماها بالطاقة الحره.
حسب شرودنجر هناك معضلة بين الميل للانتروبيا وبين الحياة المعقدة والتركيب المنظم سميت هذه معضلة شرودنجر
لحل هذه المعضلة كان لابد من دخولنا في عصر جديد في التعامل مع الانتروبيا
في الأونة الأخيرة اتجهنا لتفسير العلاقة بين التطور والقانون الثاني الثرموديناميك عن طريق طاقة جيبس Gibbs free energy
هو كمون دينامي حراري يعتمد على متغيرات طبيعية مستقلة مثل درجة الحرارة T والضغط p وكمية المادة n، يرمز له عادة بالرمز G .المتغيرات الطبيعية فيها هي الحرارة T والضغط p وعدد المولات n معي مستقلة عن بعضها البعض
وأيضا وهي طاقة كامنة في نظام حركة حرارية . تلك الطاقة حرة بمعنى قدرتها على الانطلاق من النظام وتأدية شغل ميكانيكي أو تصدر كحرارة من النظام. مثل طاقة احتراق البنزين تعمل على تسيير سيارة أو تشغيل آلة . سميت هذه الطاقة باسم العالم جوزيه ويلارد جيبس مصدر 1 مصدر 2 مصدر 3
معادلة جيبس كالآتي :
حيث :
U الطاقة الداخلية لنظام ترموديناميكي،
V الحجم،
p الضغط ،
S الإنتروبي
T درجة الحرارة
ما علاقة طاقة جيبس الحرة بنشوء الحياة على الأرض ؟.
بدون الدخول في تفاصيل رياضتيه فإن بسبب أن العمليات البيولوجية تتم على الأرض التي تتحلى بدرجة حرارة ثاتة وضغط ثابت لذلك فهي ظروف تسمح باستخدام طاقة جيبس الحرة وللتعبير عن القانون الثاني للترموديناميك. تصاغ طاقة جيبس الحرة كالآتي:
إن خفض طاقة جيبس الحرة إلى األ حد أنما هو أحد أشكال مبدأ أقل طاقة ، وهذا المبدأ يعتمد أساسا على مبدأ تزايد الإنتروبيا لأنظمة مغلقة . وفوق ذلك فإن تطبيق معادلة طاقة جيبس الحرة يمكن أن يتم باستباط أحد صيغها المناسبة بحيث يمكن تطبيقها على أنظمة مفتوحة عندما ندخل صيغة الكمون الكيميائي في معادلة توازن الطاقة.
حسب جون أفري" في كتابه " نظرية المعلومات والتطور" فإننا نجد عرضا يشير إلى أن ظاهرة الحياة، ومن ضمنها منشئها وتطورها، وكذلك تطور الثقافة الإنسانية أن قواعدها تؤول إلى خلفية قوانين الترموديناميكا ، والميكانيكا الإحصائية و نظرية المعلومات.
تعليقات
إرسال تعليق